البرنامج السياسي: عهد وإلتزام، الديباجة
نحو دولة مدنية ديمقراطية موحدة
البرنـــامج الســياسـي
21 أبريل 2007 م
عهد وإلتزام
نحن، أعضاء حزب التحالف الوطني السوداني نؤمن،
بأن هـذا البرنامج يأتي دفعاً لمسـيرة نضـال مـن أجل السلام والحرية والديمقراطية،
وتتويجاً لتضحيات شهداء الوطن وشهداء التحالف الأبرار،
ووقــوفاً مع نضال وتطلعات الشـعب السوداني الحر،
ونلتزم..
أن نعمل جميـعاً لبناء دولة مدنية ديمقراطية موحدة
يسودها السلام والاستقرار والعدالة والمساواة،
وتـؤمنــها التنميـة المتـوازنة الشــاملة،
من أجل
"مستقبل أفضل لأجيال السودان القادمة"
الديباجة
إن تجربة الحكم الوطني في السودان أثبتت فشلها وتأخرها عن التصدي لقضايا وتطلعات الجماهير من خلال برنامج تحرر وطني يلبي احتياجات التنمية والاستقرار ويتصدي لمتطلبات بناء الدولة الحديثة. ساهمت كل الحكومات التي تعاقبت علي الحكم في السودان وبدرحات متفاوتة فى تكريس هذا الفشل وزيادة معاناة الشعب، مضيفة بذلك بعداً جديداً للأزمة الوطنية الممتدة منذ الاستقلال. إن جميع الأنظمة التي تربعت علي السلطة كانت تقوم علي أرضية التركيبة الاجتماعية والاقتصادية الموروثة منذ الاستعمار، المعبرة عن هيمنة نخب الأقلية المسيطرة ومصالح هذه النخب دون إحداث تغيير جذري وجوهري في البنية القائمة لصالح الأكثرية المهمشة. كانت محصلة هذا الفشل المستمر،الزج بالوطن في دائرة ضعف الأنظمة الديمقراطية وقهر الأنظمة الشمولية، مما أدي إلي إحباط جماهير الشعب السوداني. ان قراءة هذا الواقع تؤكد ضرورة بروز قوة سياسية جديدة ملهمة برؤاها وبرامجها وملتزمة بقضايا الجماهير وتطلعاتها، تعيد الثقة في المستقبل، وتكون قادرة علي استلهام التجارب الثورية والنضالية للشعب السوداني ضد الاستعمار وكافة أشكال الحكم الاستبدادي، باعتبارها رصيد هام في انطلاقة الدولة السودانية.
استلهاما لتجارب شعبنا النضالية ضد القهر السياسي والاجتماعي والثقافي، وانطلاقا من ثورة اللواء الأبيض فكريا ونضاليا ضد الظلم والاستبداد، مروراً بكفاح مواطني المناطق المهمشة من أجل الكرامة والعدل، وانتفاضتي الشعب في اكتوبر 64 وابريل 85 المجيدتين، وارتكازاً على الرؤى والمبادئ الخلاقة لانجاز التحول السياسي والاجتماعي والاقتصادي بغية الوصول إلى «السودان الجديد» سودان الحرية والمساواة، ولد «التحالف الوطني السوداني» من مخاض الانتفاضة الشعبية المسلحة، التجربة النضالية الرائدة من أجل الحرية والديمقراطية، رافعاً شعار ثورة الحرية والتجديد، نحو دولة مدنية ديمقراطية موحدة، كخيار ديمقراطي يأتي بمنظور جديد، يتطور ويعالج كافة القضايا القومية، ويسهم في تحقيق تطلعات الشعب السوداني، في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ووحدة السودان.
إن توقيع اتفاق السلام الشامل للسودان في التاسع من يناير 2005، أتى كخطوة مهمة في مخاطبة جذور الأزمة السودانية الممتدة منذ الاستقلال، وارغام غلاة المشروع القديم للتراجع والاقرار بخطل الخطاب الآحادي الشمولي، وقد عزز تلك الخطوة ايقاف الحرب في الجنوب، مما فتح الباب امام التصدي لتحديات السلام الحقيقي في انجاز التحول الديمقراطي الكامل كأساس للحكم الرشيد، وتحقيق العدالة في تقسيم السلطة والثروة والتنمية المتوازنة. رغم ذلك الإنجاز الكبير، لازالت الأزمات القومية قائمة، ومهددات السلام تتعاظم، فالآثار الكارثية على الصعيد الانساني في مناطق النزاعات المسلحة تتصاعد، والتدهور الاقتصادي يزيد من اتساع دائرة الفقر ومعاناة المواطن في كل ارجاء البلاد، وتتراجع فرص الحفاظ على وحدة السودان.
يطرح التحالف الوطني السوداني برنامجه السياسي "برنامج المستقبل"، تحت شــــعار "من أجل مستقبل أفضل لكل السودان" ـ وهو في مجمله مشروع ديمقراطي للتغيير يهدف لتلمس الحلول الحقيقية للمهددات والقضايا القومية، وتبني مقومات علمية لمعالجة سلبيات السياسات الخاطئة في العديد من المجالات، ويأتي على رأسها التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة، وتوفير الخدمات العامة الضرورية بهدف رفع المعاناة، وتغيير الواقع الاجتماعي والمعيشي المتردي للمواطن السوداني.
سيعمل التحالف الوطني السوداني مع كل القوى الوطنية الديمقراطية التي تلتقي معه في هذه الرؤى والبرامج لتحقيقها من أجل مستقبل أفضل للوطن والمواطن.
الفصل الأول
المرتكزات الأساسية لبرنامج التحالف
طبيعة الدولة
يرى التحالف الوطني السوداني أن تكون طبيعة الدولة: "دولة ديمقراطية لا مركزية تتعدد فيها الثقافات والاثنيات والأديان واللغات".
الدولة المدنية الديمقراطية الموحدة
يتبنى التحالف كهدف إستراتيجي مفهوم "الدولة المدنية الديمقراطية الموحدة" دولة ترفض أي ديكتاتورية عسكرية أو مدنية، وليست بعقائدية أو دينية، تتفاعل في داخلها الكيانات والثقافات المتعددة التي تكون المجتمع السوداني، تعمل على إرساء دعائم الوحدة الوطنية وتقوم على أساس المواطنة دون أي تمييز عرقي أو ديني أو ثقافي أو جنسي بين المواطنين.
النظام المدني هو تطور اجتماعي وثقافي وسياسى، يمنع الحروب والنزعات العنصرية والدينية، والتعبير عن الحياة يتم بالسلوك الراقى واحترام القانون واحترام حق الآخرين، وهو على النطاقين الإقليمي والعالمي يمنع مهددات الأمن والسلام ويضمن حق الشعوب في الحرية والاستقلالية، ويعتبر أي شكل من أشكال التعاون بين الأفراد والجماعات والشعوب تعبير عن الحياة المدنية .
الدولة الديمقراطية الموحدة في مفهوم حزب التحالف الوطني السوداني، هي كيان طوعي يهدف لجمع مكونات كل أجزاء وأقاليم السودان المختلفة تحت نظام سياسي لا مركزي واحد، يحقق العدالة والمشاركة للجميع دون أن تتجاوز عملية الوحدة الخصائص والمميزات الهامة لمختلف العناصر داخل الدولة السودانية. دولة قائمة على الديمقراطية والإرادة الحرة، والاعتراف بالتنوع، وبأن السودان بلد متعدد الأعراق والديانات والثقافات واللغات، وتتأسس وحدته على حق المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات وفق المعايير المضمنة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
البناء الدستوري للدولة ونظام الحكم
يقوم النظام السياسي في السودان على أساس الديمقراطية التعددية، والتداول السلمي الديمقراطي للسلطة، وإتاحة الحريات واحترام حقوق الإنسان وذلك طبقاً للمبادئ والقواعد الواردة في المواثيق والعهود الدولية.
يحكم السودان على أساس النظام اللامركزي الذي يحقق المشاركة في السلطة والتوزيع المتوازن للثروة، ويمكن أهل المناطق المختلفة من إدارة شئون مناطقهم، وذلك عبر تقوية أجهزة ومؤسسات النظام اللامركزي في السودان وتعميق الديمقراطية فيها، بتنزيل المزيد من السلطات للولايات والمحليات مقرونة بكفاية الموارد وعدالة توزيعها المبني على معايير علمية ومدروسة ونافذة، وبالتمييز الإيجابي للمناطق المهمشة حتى تتم مساعدتها للوصول إلى مستويات متقدمة.
استقلال القضاء
يهدف برنامج التحالف إلى ترسيخ وتمتين مبدأ استقلال وحيدة القضاء، وسيادة حكم القانون عبر الفصل الكامل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وترسيخ كل ما من شأنه أن يحقق هذا الهدف، وفقاً للإرث والفقه القانوني السوداني الراسخ، والعمل من أجل توفيق أوضاع ونظم الهيئة القضائية بحيث تحقق الاستقلالية الكاملة والبعد عن أي مؤثرات سياسية.
النظام الفدرالي
الحكم الفدرالي هو الأمثل لحكم السودان لامركزياً، ويمكن كافة مكونات الشعب السوداني من حكم أنفسهم وإدارة شؤونهم وتحقيق تطلعاتهم في إطار السودان الموحد.
الديمقراطية
يتبنى التحالف الديمقراطية التي تقوم على التعددية السياسية والثقافية والدينية، كخيار أمثل لتداول السلطة سلمياً. ويعمل على ترسيخ الممارسة الديمقراطية داخل كافة قوى المجتمع، ولا يتأتى هذا إلا بقيام مؤسسات ديمقراطية مكتملة، وعلى رأسها الأحزاب السياسية، والتي يجب أن تلتزم بالمعايير الأساسية لقانون أحزاب متفق عليه، وتؤكد على تداول السلطة داخل كياناتها، وبذلك تكون السياج الحامي للنظام الديمقراطي.
الحرية
يؤمن التحالف بحق المواطن السوداني في الحرية، وضرورة ترسيخ هذا الحق لبناء مجتمع حر ومتسامح، يحترم ويحمي كل الحقوق والحريات للجميع.
المســاواة
السودانيون متساوون أمام القانون كافة، وفي حقهم أن ينالوا فرصاً متكافئة لتحقيق آمالهم وطموحاتهم بما يصون ويحفظ كرامة واحترام المواطن.
المواطنة
المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات في إطار الدولة السودانية، دون تمييز عرقي أو ديني أو ثقافي أو جنسي.
الفصل الثاني: حقوق الإنسان والحريات العامة
الفصل الثـاني
حقوق الإنسان والحريات العامة
حقوق الإنســان
اعتماد كل المبادئ والمعايير المعنية بحقوق الإنسان والمضمنة في المواثيق والعهود الدولية، وأن تعتبر جزءاً لا يتجزأ من دستور السودان، وكل القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات العامة تنظم ولا تحد أو تتغول على تلك الحقوق. يدعو التحالف لإنشاء مفوضية لحقوق الإنسان وفق قانون يضمن استقلالها وقوميتها ويحدد صلاحيتها وآليات عملها وفق المعايير الدولية، وأن تكون تلك المفوضية العين الرقابية لأوضاع حقوق الإنسان في كل أرجاء السودان. سيعمل التحالف لتعديل كافة القوانين التي تتعارض مع نصوص الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
الحريات الدينية
التأكيد على حرية العقيدة والاعتقاد والممارسة الدينية كحق دستوري وإنساني لكل المواطنين، والعمل على ترسيخ وإرساء المفاهيم والقيم التي تؤدي لاجتثاث كافة أنواع التطرف والتزمت. يعمل التحالف على تحقيق التعايش والتعامل السلمي والمساواة والتسامح بين الأديان والمعتقدات، ويدعو إلى السماح بحرية الدعوة السلمية لها، ومنع الإكراه أو أي فعل أو إجراء يحرض على إثارة النعرات الدينية أو الكراهية أو العنصرية في السودان.
حـــرية وحقوق الأحزاب السياسية
الأحزاب السياسية هي مؤسسات عامة مفتوحة للجميع وفق برامجها ولوائحها دون تمييز على أساس العرق أو الدين، وعليها أن تضع في المقام الأول صيانة المصالح القومية العليا للوطن، وأن تمارس الديمقراطية داخل كل هياكلها ومؤسساتها الفرعية، وبما يسمح بتداول القيادة والمسئوليات. يرفض التحالف أي قوانين غير ديمقراطية تعمل على تكبيل الأحزاب السياسية وفرض الوصاية عليها.
حرية واستقلالية العمل النقابي
التأمين على دور الحركة النقابية في تحقيق السلام والتنمية والديمقراطية، والتأكيد على استقلاليتها وحرية تكوينها وممارستها لأنشطتها، وفي هذا الجانب يهدف برنامج التحالف الوطني السوداني إلى تحقيق التالي:
أ. كفالة الحق الدستوري في تكوين النقابات والاتحادات المهنية، وضمان عدم تدخل الدولة في تنظيمها وأسلوب عملها.
ب. كفالة حق تكوين النقابات المهنية، وأن تضم تنظيمات فئوية تخصصية ذات مصلحة ومهنة مشتركتين وفق القوانين والاخلاقيات التي تحكم ممارسة المهنة.
جـ. التدريب النظري والعملي لأعضائها علي العمل النقابي.
د. الدفاع بالطرق السلمية عن مصالح أعضائها.
هـ. الارتقاء بالمهنة ورفع كفاءة وقدرة الكادر المهني لمقابلة متطلبات التنمية.
و. التأكيد على دور النقابة القومي في التعاطي مع جميع القضايا الوطنية.
ز. توثيق الصلات مع الروابط والاتحادات الرصيـفة محليا وأقليميا وعالميا.
حرية واستقلالية الصحافة
ينادي التحالف بتمتع الصحافة بالحرية الكاملة في الحصول علي المعلومات ونشرها وتحليلها، وبرفع كل القيود عن الصحافة، وتأكيد الدولة على دورها الرقابي والإصلاحي كسلطة رابعة مكملة للجهاز التشريعي. يساند التحالف المطالب العادلة للمؤسسات الصحفية والصحفيين السودانيين في حرية التحري والبحث عن المعلومات، ويتمسك بضرورة توفير الحماية من التسلط وقوانين المطبوعات والنشـرالجائرة، وذلك من خلال:
أ. تأكيد حق الأفراد والجماعات في أصدار الصحف والمطبوعات شريطة الحصول علي تصديق لدواعي تنظيم المهنة.
ب. إلغاء كل القيود التي تضع شروطاً لممارسة المهنة، مع امكانية وضع النقابة شروط للانتماء لها كما هو معمول به إقليمياً ودولياً.
جـ. تشجيع إصدار الصحافة الولائية بهدف عرض قضايا تلك المناطق وتسليط الضوء عليها والتعبير عن رؤى وتطلعات المواطنين بتلك الولايات.
د. مساعدة الدولة في عملية توزيع الصحف عبر تأسيس شركة مساهمة عامة لتوزيع المطبوعات الصحفية في كل المدن السودانية، علي أن تتطور هذه المؤسسة مستقبلاً بتوظيف القدرات التكنولوجية المتاحة لتأسيس مطابع ولائية لطباعة الصحف اليومية.
هـ. تمتع مجلس الصحافة بالاستقلالية وحصر دوره في ترقية المهنة.
و. الغاء كل الضرائب والرسوم المفروضة علي كل مدخلات الطباعة لتقليل تكلفة النشر.
ز. الغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر الصحفي وأن تكون جميع قضايا النشر، قضايا مدنية وليست جنائية.
حـ. إبطال أي قانون أو نص قانوني يجيز إيقاف الصحف بصورة مؤقتة أو دائمة.
ط. رفض الابتزاز الإعلاني للصحافة من قبل القطاع العام، وفك احتكار جهة واحدة لتوزيع اعلانات القطاع العام.
حرية واستقلالية أجهزة الإعلام القومية والولائية
يطالب التحالف بحرية واستقلال وحياد أجهزة الإعلام القومية، ويساند ويؤيد الرؤى المطروحة في أن تكون كل تلك الأجهزة بعيدة عن مؤثرات الأحزاب الحاكمة والسلطة التنفيذية، وأن تشكل لها مجالس إدارات مستقلة ومحايدة، وأن تخضع لرقابة الأجهزة التشريعية في المركز والولايات. يرى التحالف الوطني السوداني أن تدار أجهزة الإعلام القومية بمجالس إدارات من الأكاديميين وأهل الخبرة والاختصاصيين، وأن تكون لهذه المجالس سلطة تعيين الإدارات التنفيذية لهذه الأجهزة وتكون مسؤولة لديها، وأن يوكل لهذه المجالس وضع السياسات والموجهات الحاكمة التي تتيح فرص التعبير العادل لمجموع القوى السياسية، وتكون مسئولية ومرجعية وتقييم أداء تلك المجالس لدى الهيئة التشريعية القومية.
حرية إنشاء محطات البث الإذاعية والفضائية الخاصة
يؤكد التحالف علي حق الأفراد أو الجماعات في إنشاء محطات البث الإذاعي علي الموجات المتوسطة أو الـ (أف.أم) أو محطات البث التلفزيوني، واجازة قانون يكفل هذا الحق، مع الالتزام بالمعايير المهنية المتعارف عليها، وضرورة توقير القيم المشتركة لافراد المجتمع السوداني فيما تبثه تلك المحطات من مواد إعلامية.
حرية واستقلالية مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي
نؤمن على حرية واستقلالية مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، ونؤكد على إن مؤسسات البحث العلمي المختلفة والجامعات المتميزة تشكل المدخل الأساسي للتطور وتحقيق الطفرة التنموية، ولذا على الدولة أن تقدم كل الدعم الممكن، وتعبئ الموارد والطاقات العامة والشعبية والخاصة، من أجل ترقية وتطوير البحث العلمي، خاصة في مجالات البحوث من أجل التنمية ومجال تقنية المعلومات، وأن تكفل الاستقرار والحياة الكريمة للعلماء والباحثين.
قومية وحيدة الخدمة المدنية
تعرضت الخدمة المدنية في السودان لكثير من السياسات الخاطئة خلال العهود السابقة، وقد ساهم فشل تجربة الحكم الوطني في تردي الخدمة المدنية والابقاء على الموروث الاستعماري للجهاز الحكومي، لدرجة أن المعيار لانضباط الخدمة العامة صار يوصف فترة المستعمر بالعهد الذهبي للخدمة العامة، دون ان يتم النظر للدور المنوط بها في تحقيق الاستقلال والتحرر الوطني والاضطلاع بتنفيذ برامج التنمية والتصدي لهموم المواطن من خلال المشاريع النهضوية لبناء الدولة الحديثة. وقد فاقم من الامر فقر الدولة وسوء ادارتها والفساد وضعف حافز العمل في القطاع الحكومي للوظائف الوسيطة والدنيا واستئثار القطاع الخاص ودول المهجر بالكوادر الاكثر كفاءة مما حال دون تطورها. ورغم الطفرة في اقتصاد الدولة بعد النفط الا ان سياسات الخصخصة الخاطئة، وتعرض الخدمة العامة للتسييس بصورة كبيرة تحت دعاوي التمكين ادى للانهيار الماثل للقطاع العام.
ينادي التحالف الوطني السوداني بقومية ومهنية وحيدة مؤسسات الخدمة المدنية، ويطالب بالعدالة والمساواة في الحصول على الوظائف والتأهيل والترقي، كما يرى ضرورة دراسة ومراجعة قوانين الخدمة المدنية وهياكلها ومجالسها وأجهزتها المتخصصة، بغرض تطويرها وتفعيلها، وبما يضمن قوميتها وكفاءتها واستقلاليتها. لا بد من إعادة هيكلة الخدمة المدنية لتتوافق مع متطلبات الحكم الفدرالي ومتطلبات بناء الدولة السودانية العصرية، وضرورة توظيف كل الطاقات الخلاقة والمبدعة وتعزيز الانضباط والأمانة والشفافية في دولاب عملها. نرى إن تكوين (المفوضية القومية للخدمة المدنية) وفق معايير الاستقلالية التامة والحياد والمهنية الكاملة، سيشكل المدخل الصحيح لبداية عملية الاصلاح والتقويم.
الفصل الثالث
رؤية التحالف في المؤسسات السيادية
مؤسسة الرئاسة
مؤسسة لكل الوطن
مؤسسة الرئاسة مؤسسة سيادية، تعبر عن كل مواطن في أرجاء الوطن. يرى التحالف إن مؤسسة الرئاسة خلال المرحلة الراهنة من الفترة الانتقالية، متضخمة بصورة غير علمية. لذا يدعو إلى تقليص الهياكل الاستشارية، والمؤسسات والهيئات المستقلة التابعة للرئاسة، وأن تكون مؤسسة الرئاسة القدوة التي تحتذى في تطبيق إجراءات التقشف الملائمة، وفي تقليل الإنفاق المالي.
محــاربة الفساد
التحالف الوطني السوداني من أول الأحزاب السودانية في الدعوة لمكافحة الفساد الذي يعوق التنمية والديمقراطية والحكم الراشد، ويفاقم من معدلات الفقر والفقراء في السودان، وقدم خلال العام 1999 للقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني (رؤى حول مكافحة الفساد) . لضمان الطهارة والشفافية والعدالة في الحياة العامة، نطالب بأن تعمل الدولة على تكوين المؤسسات واستصدار القوانين لمحاربة الفساد والحيلولة دون إساءة استخدام السلطة، وأن تتولى مؤسسة الرئاسة المسئولية المباشرة لمحاربة ومنع استشراء الفساد في كل مؤسسات وهياكل الدولة السودانية.
يرى التحالف الوطني أن يتم تبني برنامج محاربة الفساد التالي:
أ. تتولى مؤسسة الرئاسة المسئولية والإشراف على محاربة الفساد عبر هيئة إدارية قضائية قومية مستقلة.
ب. أن تدعم الهيئة التشريعية القومية سياسات محاربة الفساد، وأن تقوم بالتصديق على (اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد)، ويكون الإشراف والرقابة والمحاسبة في صدارة أجندتها خلال الدورات البرلمانية.
جـ. أن تعمل الدولة على سن قوانين صارمة وشفافة لمنع ومحاربة الفساد وغسيل الأموال، وأن تهدف تلك القوانين إلى محاسبة المفسدين، واسترداد الأموال والأصول وممتلكات الدولة التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة. يجب أن تكفل تلك القوانين الشفافية في تمليك المعلومات والوثائق، وحق الصحافة والإعلام في الحصول عليها ومتابعتها والقيام بواجبها كسلطة رابعة في كشف ومحاربة الفساد.
د. تكوين آليات تبادل معلومات وتنسيق ومتابعة في محاربة الفساد تشمل الجهات التنفيذية كوزارات العدل والداخلية والمالية والبنك المركزي ومؤسسات المجتمع المدني المعنية.
هـ. تأكيد ولاية وزارة المالية على المال العام، واتخاذ التدابير وسن التشريعات اللازمة للقضاء على ظاهرة التعدي على المال العام.
و. رفع الوعي الوطني والمسئولية الجماعية في محاربة الفساد في كل قطاعات المجتمع السوداني، وأن يشمل ذلك سياسات تستهدف القطاعات الاقتصادية والمهنيين والنقابات والأكاديميين، والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المختلفة، والشباب والمرأة في كل مناطق السودان.
الدفاع والأمن
الاستراتيجية الدفاعية
الاهتمام ببناء منظومة دفاعية متكاملة للسودان، تستند على قوات مسلحة عصرية، يخطط لتشكيلها بمنظور علمي وواقعي يتوافق مع احتياجات السودان للدفاع وتأمين اتجاهاته الاستراتيجية الأربعة المترامية الأطراف. قوات مسلحة مرتبطة عضوياً بالدستور والقوانين، وتتميز بقدرات احترافية ومرونة تنظيمية عالية، وبالقدر الذي يمكنها من تأمين كل الحدود الدولية، وتكون قادرة على تنفيذ مهامها الوطنية والدفاع عن التراب السوداني، وحماية الدستور والنظام الديمقراطي. يجب أن تراعي منظومة الدفاع التقيد بخطط انتشار للقوات تهدف إلى إبعاد تمركزهاً من العواصم ومراكز الثقل السكاني، والتي ستتولى مسئولية أمنها وحمايتها قوات الشرطة المدنية.
بناء جيش السودان الموحد
تبني مبدأ العمل العلمي الجاد لبناء جيش السودان الموحد:
أ. معالجة مسألة وجود جيوش متعددة خلال الفترة الانتقالية (القوات المسلحة/ الجيش الشعبي/ القوات المشتركة المدمجة) بواقعية إيجابية في اتجاه دعم خيار الوحدة وتوحيد القوات مستقبلاً. يتطلب تنفيذ ذلك وضع سياسات دفاع قومية، وصياغة عقيدة قتالية جديدة، ومعالجة أمر القوانين واللوائح. الجيش السوداني الحالي يحتاج إلى إعادة بناء متكاملة تهدف لإبعاد أي مؤثرات عقائدية سابقة أو من إفرازات الحرب الأهلية الطويلة، بهدف إعادة القومية المتجردة ورفع الكفاءة القتالية والاحتراف. أما الجيش الشعبي لتحرير السودان فيحتاج إلى إعادة بناء متكاملة تهدف إلى تحويله إلى جيش نظامي وطني، مؤمن بخيار وحدة السودان والتعايش السلمي بين شعوبه. تشكل الوحدات المشتركة المدمجة (JIU) فرصة ذهبية لتكوين نواة جيش السودان الجديد. إن الجنود المنتمين لكل بقاع الوطن، إن ضمهم جيش وطني محترف، سيكونون خير رسل لبسط مفهوم وحدة السودان.
ب. يعاد تنظيم القوات المسلحة السودانية بحيث تكون:
(1) بالحجم المناسب للدفاع عن السودان وحماية دستوره ونظامه الديمقراطي.
(2) تعطى أسبقيات البناء والتجهيز والإعداد لتشكيل الوحدات المشتركة المدمجة (JIU).
(3) أن تتميز كل القوات البرية بقابلية حركة عالية تمكنها من سرعة الانتشار والتفاعل مع أى مهددات طارئة.
(4) تطوير قوات جوية وقوات دفاع جوي حديثة ذات قدرات وإمكانيات عالية.
(5) تطوير قوات بحرية خفيفة وحديثة قادرة على مراقبة وحماية الساحل السوداني.
(6) إخلاء العاصمة القومية من المنشئات والمعسكرات والمخازن والمصانع العسكرية، وأن تكون البدائل ومناطق الانتشار أقرب إلى مسارح واتجاهات التهديدات الاستراتيجية (الحدود الدولية).
(7) تطبيق (معاش تقاعدي موحد) لكل رتبة عسكرية في سلك الضباط وضباط الصف، وليشمل ذلك كل من خدم في القوات المسلحة منذ الاستقلال، لضمان المساواة والعدالة وتوفير الحياة الكريمة لمن قدموا كل جهدهم وعطائهم من أجل الوطن.
الشرطة المركزية والولائية
أجهزة الشرطة هي قوى مدنية، تعمل بصورة لا مركزية وتتبع للولايات، إلا في بعض المؤسسات المحدودة جداً التي يمكن أن تبقى تحت السيطرة المركزية (التدريب المركزي للضباط والفنيين/ المباحث الاتحادية/ الجوازات والهجرة/ السجل المدني). يجب أن تعود كل وحدات الشرطة في المستوى المركزي أو الولائي إلى السيطرة المدنية، وأن يعود تجهيزها وتسليحها إلى المستوى المتعارف عليه عالمياً في تنظيم وتسليح قوات الشرطة المدنية. هذا بالضرورة يتطلب فصل أي مؤسسات ضمت لها خلال الفترات السابقة مثل قوات السجون، وقوات الجمارك التي يجب أن تعود إلى طبيعتها المدنية.
أجهزة الأمن
جهاز الأمن السوداني جهاز قومي مهني، يحدد دوره الفني في جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة للدولة في أمور الأمن القومي السوداني دون تملك أي سلطات تنفيذية، مع ضرورة التقيد بالضوابط الدستورية والقانونية.
السياسة الخارجية
تطبيق سياسة خارجية متوازنة، ترتكز على خدمة المصلحة العليا للوطن، وبناء علاقات مع كل الدول في إطار الاتفاقيات والمبادئ الموجهة للتكامل الدولي والإقليمي. نرى أن الأولوية في التكامل الإقليمي تبدأ بدول الجوار، وتلك الدول التي تربطها بالسودان الروابط التاريخية والجغرافية والمصالح المشتركة.
أن تخطط سياسة السودان الخارجية لخدمة الأهداف التالية:
أ. تعزيز حسن الجوار والتعاون المشترك وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الدول.
ب. العمل على فض النزاعات الحدودية والإقليمية بالطرق السلمية عبر التفاوض أو باللجوء إلى التحكيم الدولي.
جـ. ترقية التعاون مع جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى من أجل تعزيز السلام العالمي، واحترام القانون الدولي والالتزامات التعاهدية.
د. التعاون مع المجتمع الإقليمي والدولي في القضايا ذات التأثير المباشر على البيئة والحياة البشرية.
هـ. تعزيز التعاون الأفريقي العربي، وبمنظور خاص لقضايا القرن الأفريقي الكبير، الذي تتكامل شعوبه سياسياً واقتصاديـاً.
و. العمل على تطوير نظام اقتصادي إقليمي وعالمي عادل، وتحقيق التكامل الاقتصادي الأفريقي والعربي وترقية التعاون الاقتصادي بين دول الجنوب، وتعزيز الاتجاه الدولي لالغاء ديون العالم الثالث وتحويلها الى ميزانيات الخدمات الصحية والتعليمية.
الفصل الرابع
قضايا الإقتصاد والتنمية
السياسات الاقتصادية
إن الاستقرار الاقتصادي والتنمية المتوازنة وفق تخطيط استراتيجي وسياسات تكفل العدالة الاجتماعية لأهل السودان (دولة الرعاية الاجتماعية)، تشكل القاعدة الأساسية للاستقرار السياسي والسلام الشامل والدائم في السودان.
انتهاج نظام اقتصادي مختلط بين نموذج (الحر) و(الموجه) ليوازن بين حوجة الاقتصاد المحلي السوداني للاندماج في الاقتصاد العالمي، ويستوعب في ذات الوقت ضرورة وجود الدولة في عدد من القطاعات الاقتصادية الضرورية لحياة المواطن، استناداً على تزايد الفروقات الاقتصادية بين المواطنين في العقود الأخيرة وزيادة الفجوة في الخدمات بين المدن والأرياف.
الموازنة السنوية للدولة هي الآلية التي يتم في إطارها تحديد الموارد وتنميتها والمحافظة عليها، وتوظيفها وفق الأولويات التي تحقق عدالة التوزيع بين المركز والولايات، وهذا يتطلب ضبط الإنفاق العام وترشيده بوقف الصرف البذخي، وكفالة عدالة التوزيع، والتأكيد على ولاية وزارة المالية على كل المال العام، وتشريع القوانين التي تمنع الصرف والتصرف خارج الموازنة، أو تحصيل الجبايات غير القانونية، أو تجنيب الإيرادات.
تعزيزاً لخيار وحدة السودان، يرى التحالف أهمية ربط اقتصاد جنوب السودان بالاقتصاد القومي، وهذا يتطلب وضع سياسات تنسيق اقتصادي مشتركة، والعمل على فتح الطرق وتعزيز مواعين النقل النهري وطاقات السكة الحديد لضمان انسياب التجارة دون معوقات، مع تطبيق نظام مصرفي موحد.
الثروات المعدنية
ينادي التحالف الوطني السوداني بأن تهدف كل السياسات الاقتصادية المرتبطة بموارد السودان من الثروات المعدنية (النفط والمعادن) إلى توظيف عائداتها المالية للتنمية وتطوير البنيات الأساسية والخدمات، ولترقية حياة كل المواطنين وتحسين ظروفهم المعيشية. نرى أيضاً أن تضع تلك السياسات كل الاعتبار لمصالح السكان المحليين وتطوير مجتمعاتهم والحفاظ على البيئة في مناطق الإنتاج.
التنمية المتوازنة
يرى التحالف، إن غياب التنمية المتوازنة كان سبب رئيسي في تفجر الصراعات الأهلية، وأن نهدف لتكون أسبقية الموازنات المالية السنوية موجهة للتنمية والخدمات، مع اعتماد تكامل التخطيط القومي القاعدي والإقليمي والمحلي المرتكز على المشاركة الحقيقية للقواعد كأداة أساسية لتحقيق التنمية المتوازنة والعادلة داخل كل ولاية، وبين الولايات المختلفة.
ضرورة تحقيق التنمية المتوازنة عبر إجراءات تعزيزية لمصلحة المناطق والقطاعات الاجتماعية المظلومة تاريخياً، واتباع سياسة التمييز الإيجابي لتنمية المناطق المهمشة والريف، مع التأكيد على الاهتمام بالمناطق المتأثرة بالحرب وإعادة تأهيلها من خلال صناديق الإعمار التي نصت عليها اتفاقيات السلام، والعمل على حفظ التوازن مع بقية المناطق في الولايات الأخرى خارج نطاق الاتفاقيات.
تعزيز التنمية المتوازنة بتنفيذ خطط علمية لتنمية العنصر البشري، بتأهيله ورفع قدراته لمواكبة متطلبات التنمية العصرية المرتبطة بالطفرة العلمية، وذلك من خلال تخصيص موارد مقدرة للتأهيل والتدريب ودعم مراكز التنمية البشرية في المناطق المختلفة. يتطلب رفع كفاءة الأداء والتدريب الاستفادة من عودة الخبراء والكوادر السودانية المنتشرة في العالم على أسس عادلة تضمن حقوقهم.
تأهيل البنيات الأساسية
القيام بدراسات شاملة للبنيات التحتية القومية، تشمل الطرق والجسور وخطوط السكك الحديدية، ومرافق ومواعين النقل النهري والموانئ البحرية وآليات تشغيلها وإدارتها، والخزانات وقنوات الري العملاقة، ومحطات توليد الكهرباء مختلفة الأنواع. تهدف تلك الدراسات إلى وضع خطط لمواكبة احتياجات التنمية، ولتحديد الأسبقيات الإستراتيجية لتشييد وإقامة مرافق جديدة للبنية الأساسية تقود السودان لمستقبل اقتصادي وتنموي أمثل.
القطاع العام والشركات المملوكة للدولة
يرى التحالف ضرورة الاحتفاظ بالمؤسسات القومية التابعة للقطاع العام الخدمية والانتاجية، وإعادة تاهيلها وخضوعها لخطط تطوير كاملة دون أي خصخصة جزئية أو كاملة لمقابلة متطلبات التنمية. ننادي بتصفية كل الشركات الخاصة المملوكة للحكومة، والتي تحظى بتسهيلات كبيرة ومعاملة تفضيلية لا تتوافق ومتطلبات التنافس وتكافؤ الفرص.
السياسات المصرفية
من الأهمية توافق السياسات المصرفية مع استراتيجيات التنمية المتوازنة والنهضة الاقتصادية والاجتماعية العادلة. ضرورة الدراسة العلمية للقطاع المصرفي وهيكلة المصارف، بغرض تقويتها وتأكيد التزامها بموجهات المصرف المركزي، مع زيادة مواردها وإعدادها للمنافسة واستقطاب الموارد الخارجية لخدمة التنمية وتوفير التمويل للطفرة الاقتصادية المتوقعة. نرى أهمية توسيع قاعدة المشاركة الإدارية، والعمل لتطوير البنوك التنموية المتخصصة في الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والعقارات وتمويل صغار المنتجين والأعمال الصغيرة (التركيز على المجال المصرفي التخصصي)، وأن يعطى تمويل الصادرات أولوية، ويكون التمويل في كل المستويات متاحاً وعادلاً.
الاستثمار
ضرورة تبني معايير استثمارية عملية ومرنة تعطي الأسبقيات والتسهيلات للاستثمار في قطاعات البنية الأساسية وتنمية الريف، والخدمات التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وتساعد في خلق الوظائف وتحقيق العدالة الاجتماعية. يرى التحالف أهمية ربط الاستثمار الخارجي بتدريب واستيعاب العمالة السودانية، وتطبيق ضوابط واضحة في مسألة التوسع في العمالة الأجنبية، لما يشكله ذلك من سلبيات على سوق العمل المتخم بالعطالة، ولتحجيم التأثيرات الاجتماعية الأخرى.
إستراتيجية إزالة الفقر
تبني إستراتيجية لإزالة الفقر من خلال الاعتراف بأبعاده الاجتماعية، ومسبباته الاقتصادية، والتصدي لتطويقه ومعالجة جذور مسبباته عبر خطط تنموية واجتماعية ملائمة. يجب أن تعمل السياسات الاقتصادية والتنموية على توجيه نصيب مقدر من الموارد والاستثمار للانحياز نحو القطاعات الفقيرة في المجتمع، وهذا يتطلب التوسع في الخدمات المصرفية لتمويل صغار المنتجين، وإقراض الأسر المنتجة في المناطق الريفية.
رفع الضائقة المعيشية عن الجماهير
إن القضية الأساسية التي تتطلب أسبقية المعالجة الحاسمة تتمثل في رفع المعاناة عن المواطن السوداني، الذي يفتقد حقوقه الإنسانية في العيش الكريم، ويسحقه غلاء الأسعار في جميع السلع، وارتفاع المصروفات والرسوم والضرائب في كل المجالات، يتحقق ذلك عبر الآتي:
أ. تخفيض أسعار المنتجات البترولية بأكبر قدر ممكن، لما يشكله ارتفاع أسعارها من ضغوط على أسعار كل المنتجات.
ب. تقليل أسعار الكهرباء، لتتناسب مع الدخل المحدود للمواطن، كذلك تخفيض أسعار المياه في كل الولايات وحظر استخدام نظام الدفع المقدم في كل القطاعات السكنية في المدن والريف.
جـ. الاستمرار في سياسات تحسين الأجور، ورفع الحد الأدنى للأجور بصورة مطردة تتماشى مع معدلات التضخم.
د. تقليل الجبايات والرسوم المبالغ في قيمتها وأسلوب تحصيلها، وهذا يتطلب السيطرة الكاملة عبر التشريعات على المحليات في كل ولاية، ويتطلب تخفيض العمالة الفائضة والأعداد الكبيرة في الوظائف العليا في المحليات التي يتطلب توفير المرتبات لها معظم تلك العوائد والرسوم الباهظة.
هـ. وقف كل الرسوم التي يتم تحصيلها على الطرق القومية لتأثيرها المباشر على أسعار السلع.
و. عدم فرض أي رسوم على الحبوب الغذائية بكل أنواعها، عدا رسوم أسواق المحاصيل الرئيسية في مناطق الإنتاج، لتصل للمستهلك في السعر الأدنى الممكن.
ز. وقف الضرائب غير المباشرة ووضع سياسة ضريبية علمية توفق بين الدخل والمنصرف.
حـ. توحيد الرسوم والضرائب على مستوى قومي متوازن عبر مؤتمر ، تكون قراراته ملزمة وموحدة، تمنع التكرار والازدواج الضريبي.
محاربة الفساد الاقتصادي
العدالة والشفافية ومحاربة كل أنواع الفساد هي أهم مقومات النجاح في إدارة اقتصاد الدولة، ويتطلب ذلك:
أ. الحد من التدخل المباشر للدولة في المعاملات الاقتصادية، وألا تمنح أي معاملة تفضيلية إلا لمشروعات التنمية عبر ضوابط قانونية واضحة.
ب. اعتماد مبدأ الشفافية والسياسات المعلنة في كل العملية الاقتصادية، وتبني المسئولية والرقابة الإدارية والمالية والمحاسبية في كل المستويات.
جـ. وضع ضوابط قانونية وإدارية صارمة لكل تعاقدات المشتروات الحكومية، وأن يعاد تأسيس إدارة المشتروات الحكومية تحت ولاية وزارة المالية الاتحادية، لتقوم بتحديد المواصفات، وإجراء التعاقدات وفق مناقصات معلنة يتم القرار فيها عبر لجان فنية مؤهلة ومحايدة.
د. العمل على أن تكون اقرارات الذمة السنوية لكل العاملين في الدرجات العليا في الجهاز التنفيذي للدولة ملزمة وإجبارية، وأن توضع التشريعات القانونية الكفيلة بالمحاسبة حالة الفشل في تلبية تلك المتطلبات.
هـ. إنشاء آلية قومية للرقابة والتحري والانصاف، يلجأ لها المواطن المتضرر من الدولة في أي معاملات اقتصادية أو إدارية.
و. إلغاء نظام الحوافز الذي يمنح للعاملين في الجهاز التنفيذي للدولة، وأن يستعاض عنه بتحسين المرتبات والتحفيز المهني عبر الترقي والتصعيد في السلم الوظيفي.
تحديث القطاع الزراعي التقليدي والمطري
يطرح التحالف البرنامج التالي للتنمية الريفية وتحديث القطاع الزراعي:
أ. بناء برامج الإصلاح الاقتصادي من خلال إستراتيجيات قطاعية تهدف إلي التركيز على التنمية الريفية وتحديث القطاع الزراعي التقليدي والمطري بشقيه النباتي والحيواني، للتكامل بين الإنتاج الزراعي والإنتاج الحيواني في الزراعة التقليدية والغابات المطرية والمشاريع الزراعية الكبرى.
ب. وضع نظام تسليفي يتسم بالعدالة والمشاركة في المخاطر، والتركيز على الاستثمار المنتج والمحفز لصغار المنتجين.
جـ. توفير التمويل الكافي حسب الأولويات.
د. إعادة النظر في علاقات العمل في مشاريع القطاع الحديث.
هـ. التركيز على توفير مدخلات الإنتاج في وقت مبكر قبل فترة التحضير للموسم الزراعي، وأن تكون أي مبيدات حشرية مطابقة تماماً لمعايير السلامة الدولية.
و. مساندة الدولة للمزارعين عبر تطبيق سياسات المخزون الاستراتيجي بشفافية وعدالة، تهدف إلى مضاعفة الانتاج سنوياً، والتحسب لقلة الانتاج عند الطوارئ الطبيعية.
ز. إصلاح كل الهياكل الاقتصادية والغاء الأنظمة البيروقراطية التي تعوق الصادرات الزراعية.
تحريك وكفاءة القطاع الصناعي
وضع خطط للإصلاح الاقتصادي بهدف تحريك القدرات العاطلة في القطاع الصناعي، وإزالة المعوقات وإعادة تأهيل الصناعات الحيوية المعطلة. توزيع العبء الضريبي بعدالة وتوجيه السياسات النقدية لخدمة الاقتصاد الصناعي ـ الزراعي، وتوفير التمويل الكافي حسب الأولويات، مع تطوير قاعدة الموارد المحلية، وتنمية الصناعات التحويلية. بتطبيق التالي:
أ. دعم الدولة للقطاع الصناعي بتخفيف الأعباء الضريبية المختلفة على الصناعة، وتخفيض الرسوم الجمركية على التجهيزات الأساسية ومدخلات الانتاج. العمل على إلغاء رسوم الربط الكهربائي وأن تكون من مسئولية شركات الكهرباء، مع العمل على تخفيض قيم الاستهلاك إلى الحد الأدنى الاقتصادي، ووضع الاعتبار لتلك القيمة الاستهلاكية في الدول المجاورة.
ب. اعتبار صناعات السكر والغزل والنسيج وانتاج الزيوت والجلود صناعات استراتيجية، توفر لها الدولة كل التسهيلات والدعم والمساندة.
جـ. توفير وتسهيل التمويل المالي للصناعات الكبيرة من القطاع المصرفي والقروض والتمويل الخارجي ومحافظ الاستثمار، مع التوسع في تمويل الصناعات الصغيرة والمجمعات الصناعية في الريف، والتي ستسهم في حل مشاكل العطالة والفقر وتنمية المناطق المهمشة والمتأثرة بالحرب.
د. وضع خطط لترقية مستوى الصناعات السودانية بادخال التقنيات الصناعية، ومطابقة المنتجات السودانية لمعايير الجودة العالمية، لتتمكن من المنافسة في ظل التنافس الحر، وسلبيات تدفق المنتجات الصناعية رخيصة السعر.
هـ. العمل على ربط القطاع الصناعي في جنوب السودان مع الخطط القومية للصناعة، وإعادة تأهيل المصانع التي توقفت بسبب الحرب في قطاعات السكر والنسيج والكناف وتعليب الفواكة والأخشاب.
رفع قدرات وعوائد القطاع الرعوي
يحتوي القطاع الرعوي على أكبر شريحة من سكان السودان، بثروة حيوانية تفوق مائة وأربعين مليون رأس من مختلف الأنواع. هذا القطاع يشكل حزام الفقر والتخلف الأكبر في السودان، ويحتاج إلى خطط تنموية مختلفة تهدف إلى التالي:
أ. معالجة آثار الجفاف والتصحر عبر خطط تشجير وإعادة بناء للغطاء النباتي في المراعي الطبيعية.
ب. توفير الخدمات والرعاية البيطرية في مراكز تجمعات ومراكز الكثافات الرعوية في كل المناطق الريفية.
جـ. فتح طرق المواشي، وتزويدها بخدمات المياه والبيطرة والأمن.
د. زيادة الطاقة الاستيعابية للمحاجر والمسالخ، والتوسع في صناعات اللحوم ومدابغ الجلود.
هـ. منع الاحتكار في الصادرات الحيوانية،وإلغاء السياسات التفضيلية، مع دعم الدولة للبنوك المتخصصة في هذا القطاع وقصر أنشطته على التخصص في مجال صادرات هذا القطاع.
و. تحسين السلالات والأنواع والوقاية من الأمراض، وتشجيع الاستثمار والتوسع في تصنيع وانتاج الأدوية البيطرية.
معالجة الآثار السالبة للاقتصاد الحر والعولمة
أهمية معالجة الآثار السالبة لتطبيق اقتصاديات السوق الحر، خاصة على الشرائح الفقيرة في المدن والريف، والعمل على تحقيق التالي:
أ. التقييم الجاد والحذر لآثار العولمة من خلال تحديد نقاط القوة والضعف للاقتصاد السوداني، عند تكامله مع الاقتصاد العالمي، ومعالجة الآثار السالبة لتطبيق اقتصاد السوق الحر علي كل القطاعات الإنتاجية وعلى المجتمع السوداني.
ب. مراجعة خطوات الخصخصة التي تمت دون أي شفافية أو دراسات علمية، مع إنصاف العاملين وتغطية حقوقهم بعدالة كاملة.
جـ. دعم الشرائح الفقيرة بتوفير السلع الغذائية الأساسية، عبر التوسع في توفير المخزونات الاستراتيجية والسيطرة على الأسعار.